لغة العالم ولغة المسيح في حياة القائد

 

لغة العالم ولغة المسيح

بقلم القس أفضل وليم

أصبحت لغة العالم المفضلة اليوم هي “الأنا” ،لغة ولهجة يتكلم بها كل كبير وصغير ،رجل كان أم امرأة ، وهذه اللغة لا يفهمها إلا كل الذين أحبوا العالم برمته وكرّسوا له وقتهم وحياتهم ، هي تعد من أكثر اللغات انتشاراً في كل العالم بكل أديانه وطوائفه ،وبين طبقاته سواء الغنية أو الفقيرة ،فسيطرت على الحياة بأكملها ،وأصبح من الصعب جداً أن يتعامل الناس بعضهم مع بعض بدون

هذه اللغة الصعبة ، ولهذه اللغة مدارس ومعاهد وجامعات ،و إن من يتعاملون بهذه اللغة هم ماهرون جداً فيها ويحصلون على أعلى العلامات فيها .

لكن هنا عزيزي القارئ أريد أن أتحدث معك بشيء من الوضوح عن هذه اللغة  ولماذا سيطرت على كل العالم في أيامنا هذا ، مقارناً بينها وبين لغة السيد المسيح ، وكيف يعلمنا السيد المسيح لغة الحياة اليومية.
فإذا أخذنا أحبائي مثلاً من الحياة اليومية نجد إننا نبحث لذواتنا عن كل شيء ،أصبحنا نتطلع ما هي الفائدة التي سوف نحصل عليها إذا فعلنا هذا أو قمنا بذلك ،سيطرت “الأنا” على كل أفكارنا وتصرفاتنا ولا يمكننا أن نقوم بشيء قبل أن نحسب ما الذي يعود  علينا من هذا الشيء، دخلت

الأنا” في الأسرة الواحدة فأفقدتها محبتها لبعض. صار الأخ يفكر في ذاته أولاً قبل إخوته الآخرين ، والزوج قبل زوجته أو العكس أيضاً ، وحتى أن هذه اللغة توغلت كالمرض داخل كنيسة المسيح فأصبح الكل يتسابقون على المناصب القيادية وكأن الكنيسة وجدت على الأرض لتعطى منصباً لمن ليس له .
وكم من كنائس فقدت امتيازاتها في العالم ،وقاد أعضائها بعضهم بعضاً إلى المحاكم ، وزُجْ بعضهم بعضاًَ داخل السجون وكان “الأنا ” هو وراء كل هذا .
حتى عندما نحب بعضنا بعضاً يكون هدفنا في أغلب الأحيان يكون “الأنا” هدفنا. فقد نريد أن نمتلك من الآخرين شيئاًَ أو نريد أن نحصل على أمرٍ ما ، فأفقدتنا “الأنا” نقاوتنا تجاه الجنس الآخر وكل ما نتطلع إليه من وراء علاقتنا بالجنس الآخر هو “الجنس” فيما كيف أمتلك الآخر لي.

أكتفي معكم أحبائي عن لغة “الأنا ” رغم أن الحديث عنه طويل جداً ، لكنني أريد أن أتكلم سريعاً عن لغة المسيح وكيف يعلمنا

المسيح في حياتنا وعلاقتنا اليومية تجاه الآخرين ، هل يعلمنا أن نحب لأجل غرض نريد أن نحصل عليه ؟ هل يعلمنا المسيح أن نقدم الرحمة للآخرين لكي يمدحونا؟ آم ماذا يعلمنا السيد المسيح في حياتنا وكيف يجب أن تكون لغتنا نحن كمؤمنين مع الآخرين.
أحبائي يجب علينا كمؤمنين أن تختلف لغتنا عن لغة العالم ،يجب أن تخلو لغتنا من “الأنا” وهذا ما أعلنه الرسول بولس في رسالة ” غلاطية 20:2 “ مع المسيح صُلِبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ” , ما أعظم تلك الكلمات التي قالها الرسول بولس بالروح القدس عن اختبار حقيقي له ،فهو صلب “الأنا في صليب المسيح وأصبح لا يعيش فيما بعد “للأنا” بل يعيش للمسيح الذي يحيا فيه.ويكمل بولس فيقول فما أحياه الآن في الجسد فإن ما أحياهُ في الإيمان إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي .
أن رسالتنا أحبائي ليس أن نتمثل بالعالم في لغته بل بكل حب نعلن لغة المسيح الذي علّمنا إياها في كلمته المقدسة .

نرى بعض من تعاليم السيد المسيح في إنجيل ” متى ” والإصحاح السادس .يعلمنا بعض الجوانب المضيئة في الحياة العملية ،فنرى أن

السيد المسيح يعلمنا متى صنعتم صدقة لا نصنعها قدام الناس ” أي لا لأجل أن نكسب مدحهم لنا ، بل نصنعها في الخفاء ،وهنا يركّز السيد المسيح أن نلقي بمتطلبات ” الأنا ” جانباً ولا نلتفت إليها لأن ” الأنا ” تطلب مدح من الآخرين .

” الأنا ” تطلب أن يعظمها الآخرين ويصفّق لها الجميع وتتربع في أرقى الأماكن وتنحني لها كل الرؤوس ،ولكن لنا نحن كمؤمنين أن نتعلم من ذلك المعلم العظيم الذي متى فعل شيء حسن لا ينتظر مقابل من أحد وهذا ما يعلمنا أن نكون مثله، نقرأ في إنجيل لوقا الإصحاح السادس والعدد الخامس والثلاثون” بل أحبوا أعدائكم وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً فيكون أجركم عظيماً وتكونون بني العليّّ فإنه منعم على غير الشاكرين والأشرار.

كانت حياة يسوع على الأرض مثالاً لنا لكي ما نقتدي به ، لم يبحث ولا مرة على ” الأنا ” بل هرب منها ونجد هذا مثلاً في يوحنا16:5 “ وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوهُ ليجعلوهُ ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحدهُ .
أحبائي يا ليت الروح القدس ينير قلوبنا وأن نتعلم من حياة المسيح تعاليم راقيه جداً تختلف عن تعاليم العالم ،وعندما يحاربنا ” الأنا” نُسرع إلى الجبل لنصلى ، ليعلمنا الرب أن نكون رسالة واضحة لهذا العالم ،وأن تنير لغتنا السماوية هذا العالم الذي لا يعرف إلا ” الأنا “.

فأي من الفريقين أنت تكون؟وبأي لغة أنت تتحدث ؟
بلغة العالم ، أم بلغة المسيح!!!!!