ما معنى كلمة “خـادم متفرغ”؟

 

ما معنى كلمة “خـادم متفرغ”؟

بقلم القس أفضل وليم

من أكثر الكلمات المستخدمة في أيامنا هذه في المجال الروحي هما كلمتين ، الكلمة الأولى هي “خادم متفرغ”  والكلمة الثانية هي كلمة مرسل ، وفي مقالي هذا أقوم بالكتابة عن الكلمة الأولى فقط وسوف أستعرض في مقالٍ أخر الكلمة الثانية .وكم شعرت بدافع قوي يدفعني لأكتب في هذا الموضوع حول ما معنى كلمة ” خـادم متفرغ” ،وبكل أمانة وصدق جاءني هذا الدافع نتيجة

لتعب أذني من سماع وتكرار هذه العبارة من أغلب الشباب والفتيات التي لا تتعدى أعمارهم الخامسة والعشرون ،ومن خلال هذا المقال ،الذي أشجع كافة الكنائس ان تتكلم عنه بنظرة كتابية لكي نضع المفاهيم بمكانها الصحيح  ، أريد أن أستعرض بعض الجوانب المضيئة من كلمة الله حول هذا الأمر ،ولا سيما ان هذا التعبير لم يظهر بوضوح في الإنجيل مثل بعض الكلمات التي ظهرت بوضوح مثل ” شماس ، أساقفة ، شيوخ ،والقسوس ” هذه الكلمات ظهرت بوضوح في العهد الجديد .

ومن هذا المنطلق كرست وقتاً أفتش فيه عن مضمون وصفات تلك الكلمات ” خادم متفرغ” الصغيرة العدد الكبيرة المعنى والمحتوى ،فكلمة خادم متفرغ لها صفات ومواصفات وشروط كتابية –سوف أشير إليها بين السطور بنهاية مقالي -على الرغم أنها كما ذكرت سابقاً أنها غير واضحة في كلمة الله ، وأول كل شيء أنا هنا  لا لكي أشير بأصبع النقد لأي فرد ولكن بكل محبة لكي أوضح بعض النقاط المغلوطة لدينا عن بعض الكلمات ،وأيضا لكي نتجنب أستخدام الشعارات الكبيرة والعبارت الرنانة  فوق طاقاتنا وإمكانياتنا لكي لا نكون بمثابة من يحاول أن ينفخ بالبالون هواء فوق حجمه إلا أن ينفجر البالون في وجهه أو أن يصاب  بإلتهاب اللوزتين .

وأريد أحبائي أن أوضح معنى كلمة  خادم  ،ومتفرغ ، لكي نستطيع أن نطبقها على حياتنا حتى عندما نقول أننا خدام متفرغين يكون علينا هذا القول حقاً كمن يلبس الرداء الذي خصص له .

معنى كلمة خادم هو الذي لا يكن له شيء يمتلكه غير أن يخدم وينفذ ما يأمر به سيده دون زيادة أو نقصان ،ومطيع لكل  التعاليم الذي يعلمه أياه سيده ،ومحب لسيده بكامل إرادته وأذكر في هذا المقطع ما جاء في شريعة العبد العبراني الذي يقول أحبُ سيدي لا أخرج حراً .وهناك المقاطع الكتابية من الإنجيل أيضا حول هذا المعنى .

معنى كلمة ” متفرغ” هذه الكلمة غامضة بعض الشيء في اللغة العربية ،ولكن تأخذ بعض الوضوح في اللغة الإنكليزية فهي تأتي Full Time  وتأتي هذه الكلمة بمعنى الوقت الكامل ،أو أقول بمعنى أخر”المكرس كل وقته لغرض ما أو لعمل ما “،أو بمعنى “عمل بدوام كامل ” وهي عكس الكلمة الإنكليزية Part Time  والتي تعني عمل جزئي ،أو جزء من الوقت .

أحبائي بعد ما ذكرت المعنى لهاتين الكلمتين أريد أن أدمجهما معاً لنخرج بمعنى كامل لكلمة “خادم متفرغ”

هو الشخص الذي يتمتع بصفات سيده ويطيع وصاياه ويعمل بها ويكون أمام  سيده دائماً  ويخدمه كل وقته مكرساُ له كل حياته بوقت مناسب وغير مناسب.هذا هو المعنى الحقيقي لكلمة ” خادم متفرغ” فلو أخذنا هذا المعنى على حياتنا وخدمتنا نتراجع كثيراُ للخلف لنحذف كل مرة قولنا فيها أننا خدام متفرغين ،وهناك سؤالاً جوهرياً لأبد ان نفكر فيه قليلاً وهو من أي شيء نحن نتفرغ؟

هل نتفرغ من وقت الفراغ  الذي يملء حياتنا بالملل ؟

 وما هي النقطة التي أخذنا منها القرار ؟

 وإلى أي مرحلة وصلنا لكي نتخذ هذا القرار؟ كلها أسئلة تزحم فكري ولا سيما كما ذكرت أن هذه العبارت سمعتها من جيل العشرينات وتسابق إلى ذهني من أي شيء تفرغوا؟

أعزائي خدام الرب قد تكون كلماتي قاسية ولكنها كالمشرط الذي أريد أن أستئصل به بعض الأفكار والعبارات التي أمرضت حياتنا ولا سيما لأنها تأتي بغير آوانها .ولكي لا يساء فهمي انا لا أقصد التعميم ولكن أقصد تلك الفئة التي تستخدم هذه العبارة ولم تحرقهم شمس العمل يوماً واحداً ،بل أرهقهم وأتعبهم وقت الفراغ القاتل ومن هنا كان الطريق إلى استخدام كلمة “خادم متفرغ” أسهل شيء لقتل الفراغ ،ومن بعض الأفكار عندنا أن الخادم

المتفرغ هو الذي لا يعمل بأي مهنة أو وظيفة ما ، وهذا سوف ما أشير إليه  لاحقاً .

عزيزي ،عزيزتي :

أريد ان أشاركك بعض النقاط من كلمة الله وسوف تصدم عندما تعلم أن الرسول العظيم بولس لم يكن خادماً متفرغاً هذا الرجل الذي جال البحر والبر ، ضرب وجُلد وحبس ورجم ،بشر ملوك وعبيد ،جال العالم كله بوقته ،قام بثلاث رحلات تبشيرية عملاقة ومازال العالم حتى أيامنا هذا مديون بما فعله بولس الرسول ، ترك لنا كنز من الرسائل الكتابية ،وعلى الرغم  من كل هذا بمنظورنا البشري لم يكن بولس الرسول “خادماً متفرغاً ” تعرفون  لماذا لأنه كان يعمل لينفق على خدمته ونفسه كان يكد ويشتغل بإجتهاد وأيضا يخدم الرب بإجتهاد ،وسوف أقوم بعرض بعض الأيات الكتابية حول هذه النقطة خصيصاً .

أع 18: 3 ولكونهِ من صناعتهما أقام عندهما وكان يعمل لأنهما كانا في صناعتهما خياميّين .

هذه الأية عن أكيلا وبريسكلا أي أنهما هما أيضا كانوا يعملون في صناعة الخيام وأيضا كانا يخدمان الرب

 وكان بولس يعمل في نفس الصناعة .

أع 20: 33-34  فضة أو ذهب أو لباس أحدٍ لم أشتهِ أنتم تعلمون أن حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتهما هاتان اليدان .

1كو 4: 12   ونتعب عاملين بأيدينا

1 تس 2: 9   فأنكم تذكرون أيها الأخوة تعبنا وكدَّنا ،إذ كنا نكرز لكم بإنجيل الله ونحن عاملون ليلاً ونهاراً كي لا نثّقل على أحدٍ منكم .

ليتك عزيزي تلاحظ الكلمات التي وضعت تحتها خط حيث كان بولس يكرز بإنجيل الله وعلى الرغم من ذلك كان يعمل ليلاَ ونهاراً ويسألني أحدكم كيف كان يعمل ليلاً ونهاراً وكيف كان عنده وقت للكرازة بإنجيل الله فأجيبك  عزيزي أن عبارة “عاملون ليلاً ونهاراً ” هي صورة مجازية على أنه كان يعمل لكي لا يثّقل على أحد وكان يكرز بإنجيل الله ،والصور المجازية كثيرة في كلمة الله .

2 تس 3: 8  ولا أكلنا خبزاً مجاناً من أحدٍ بل كنا نشتغل بتعب وكدٍ ليلاً ونهاراً لكي لا نثّقل على أحدٍ منكم .

أحبائي ليت الرب يصحح مفاهيمنا المغلوطة عندنا حول مفهوم كلمة خادم متفرغ ،ومن هنا أقول أن الشخص الذي يعمل ويشتغل بتعب وكدٍ وله شهادة حسنة من الناس ويهتم بخاصته وأهله هو أيضا يخدم الرب، ويكون مكرس وله دعوة من الله والآخرين ومن ثم يوماً وراء يوم وساعة تلو الأخرى يكشف له الرب أنه يريده أن يكرس كل وقته وطاقته وحياته له وحده ولخدمته ،ومن ذلك يكون هناك القرار الذي فيه يترك الشخص

كل شيء لأجل شيء واحد وهو خدمة الرب ،ومن هنا تأتي معنى كلمة متفرغ كما ذكرتها سابقاً في اللغة الإنكليزية أي يعمل بدوام كامل ،وكان هذا الشخص من خلال شغله وعمله واهتمامه ببيته وشهادته الحسنه من الناس وخدمته أيضا كان الله في تلك المراحل يهيئه لخدمة عظيمة وتكريس كامل فيما بعد ، لنقول مع بطرس تركنا كل شيء وتبعناك “

أحبائي أتمنى من الرب أن يكون هذا المقال سبب بركة وتغيير في أفكارنا وحياتنا ،ولا نكون  نفعل شيئاً  كأستحساناً بشرياً أو دوافع شخصية ولكن نرضي من دعانا  لنكون خدامه ، فلا تهرب إلى الخدمة من واقعك بل تهيئ إلى الخدمة من واقعك .

  والرب يبارك عملكم وخدمتكم